مجزرة مصرفيّة: إعادة هيكلة ومكننة بتسريح 12000 موظف واقفال فروع
تحت شعار “إعادة الهيكلة” و”ترشيق القطاع” ومواكبة المرحلة والتعايش مع الانهيار وتفاقم الأزمة الاقتصادية، سيشهد القطاع المصرفي “خضة” كبيرة وسيكون أبرز إرهاصاتها موجة تسريح جديدة لموظفين وإقفال المزيد من الفروع في المناطق، ما يعني مزيداً من خسارة الوظائف، فبعد كل ما يحدث في بلاد الأرز ما الذي ينتظر القطاع المصرفي؟
الخطيب: التقليص بسبب الأزمة والمكننة
مستشار اتحاد المصارف العربية بهيج الخطيب يؤكد لـ”أحوال” أنّه “من الطبيعي أنّ المصارف ستقلص حجمها وعدد موظفيها وحجم مصاريفها، بسبب الأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي تمرّ على لبنان، والعجز الكبير من جهة الخسائر الباهظة في توظيفاتها في الدّولة وفي مصرف لبنان، ومن جهة أخرى توظيفاتها في القطاع الخاص، هذه العمليّة ستأخذ وقتها ولن تتمّ بسرعة، المصارف سرّحت حتى الآن حوالى 5000 موظّف وستستمر في ذلك إلى أن يصل عدد الموظفين الذين صرفوا من وظائفهم إلى 12000 موظّف”.
ويتابع “ما زاد الطّين بلّة هو زيادة اتجاه المصارف نحو الخدمات المصرفيّة الرقميّة حيث ستستمر المصارف في تنفيذ خططها للتوسع في مجال الصيرفة الذّكية والإلكترونية، وخفض فروعها التّقليدية، في ظل مساعيها لتسهيل خدمة العملاء وتعزيز مبادرات الدفع الرّقمي”.
ويضيف “موظفو المصارف يحصلون على بعض المغريات المالية مقابل تسريحهم من العمل، ليدبروا أمورهم إلى حين تأمين عمل بديل، من هنا أنصح كل موظف، خاصةً الشباب منهم، أن يبدأ بالبحث الجدّي عن فرص عمل جديدة خارج القطاع المصرفي”.
أبو الحسن: الاقتصاد الوطني والمواطن فقط سيدفع الثمن
من جهته، يلفت المحلّل المالي والاقتصادي محمد ابو الحسن، إلى أنّ “الأزمات الماليّة والاقتصاديّة والسّياسيّة ساهمت في تقليص حجمم القطاع المصرفي وتدمير القطاع المالي بشكل عام، فعلى ما يبدو أنّها عمليّة ممنهجة وتدهور الأمور ووصولها إلى ما نحن عليه اليوم يؤكد ذلك”.
ويشير الى أن “الفرص المباشرة وغير المباشرة أمام سداد القروض سواء باللّيرة اللّبنانية أو بالدولار الأميركي مع محفزات السّوق التي خُلقت بسبب تدهور سعر صرف العملة أدّت بدورها إلى تصغير حجم المصارف، ودفعتها إلى إعادة حساباتها بخصوص خطط توسعها وموازناتها المستقبليّة المتعلّقة بأي عمليّة توسع أو إدارة للشّأن المالي”.
ويضيف “في ظلّ الوضع المتأزّم فإن المصارف تمتنع عن التّسليف وقبول ودائع جديدة، ما يعني عدم قدرتها على تحقيق مزيد من الأرباح لدفع الرواتب، وبالتالي ستتجه إلى تخفيف عدد الموظفين، وهنا من سيدفع الثمن؟ طبعاً الاقتصاد، الموظّف، الشّركات التي تعتمد على التّسليف من المصارف، الشّركات التي تعتمد على فتح اعتمادات وتستور أو تورّد، وكافّة القطاعات الانتاجيّة”.
وعن العدد المتوقع للموظفين الذين سيتمّ تسريحهم يشير أبو الحسن إلى أنّ “كل مصرف سيعتمد آليّة معيّنة في التسّريح كل حسب متطلباته وحاجاته إلى الموظفين، فهناك من يفضل بقاء الموظّف الشاب الذي يتقاضى راتباً وخبرة أقلّ من موظف مخضرم والعكس صحيح”.
حمود: التطور التقني يقتضي تقليص عدد الوظائف
وفي الإطار ذاته، يؤكد رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود أنّه “من الطّبيعي أن تقلّص المصارف حجم موظفيها، بسبب الانكماش الاقتصادي الذي يعيشه لبنان خصوصاً وأنّ العمليات المصرفية اصبحت عمليات محدودة إضافة الى بعض عمليات التّحويل البسيطة، ما سينعكس حكماً على حجم الموظفين الموجودين في المصارف. سيما وأنّ موضوع الرّبحية أصبح حساساً للغاية، فالمصارف لم يعد لديها مصدر أرباح ولم يبق لديها سوى إيداعاتها لدى مصرف لبنان وهي ايداعات طويلة الأمد، فبالتالي أصبحت دراسة المصارف أمراً أساسياً إن كانت كلفة الودائع أم كلفة المصاريف التّشغيلية، وهو أمر طبيعي فالمصارف بحاجة الى “نفضة نوعية”.
ويختم حمود “المستقبل العالمي لقطاع المصارف يتجه نحو المصارف عن بُعد والمصارف المفتوحة والمصارف الرقميّة، التي تقدّم عروضاً مصرفيّة حديثة مصمّمة خصيصاً للهواتف الذكية والعالم الرقمي، وتضع البنوك الرقمية معياراً لسوق الخدمات المصرفية المستقبلية ما يساهم في تقليص عدد فروع المصارف”.